الاثنين، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٩

أرجعت منظمات حقوقية الحكم على الصحفية السودانية "لبنى أحمد حسين" بالجلد
لارتدائها "ملابس فاضحة" (بنطلون) بأنه ذو دوافع سياسية وذلك بسبب انتقاد الصحفية للأوضاع
السودانية ومعارضتها المستمرة للحكومة عبر مقالها الشهير "كلام رجال".
و رفضت الصحفية السودانية المحكوم عليها (بـ40 جلدة)حصانة الأمم المتحدة، وأكدت
أنها ستستقيل من عملها في بعثة المنظمة الدولية في السودان لتسريع محاكمتها التي كانت
مقررة الأربعاء 29-7-2009 وتم تأجيلها إلى 4 أغسطس القادم.
ورافق "لبنى" إلى المحكمة عدد كبير من الفتيات "اللاتي ارتدين البنطلون"، وكذلك عدد
من السياسيين والمحامين وممثلي المنظمات الدولية والأجنبية في السودان, بجانب حضور
مكثف للصحافة المحلية والعربية والدولية

طالع أيضا:
حكم ارتداء البنطلون
وأعربت الصحفية السودانية -في بيان لها حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه-
أنها ترغب من خلال هذه المحاكمة: "تسليط الضوء على المادة 152 من القانون الجنائي
السوداني لسنة 1991م، فالقضية ليست شخصية، ولكن المهم دعوة الناس والعالمين ليكونوا
شهودا على هذه الفضيحة"، فضيحتي أم فضيحتهم "ذلك ما ستحددونه أنتم بعد سماع أقوال
الاتهام وشهوده وليس أقوالي أنا". على حد قولها.
وأضافت لبنى: "قضيتي هي قضية البنات العشر اللواتي جلدن في ذات اليوم، وهي قضية
عشرات بل مئات بل آلاف الفتيات اللواتي يجلدن يوميا وشهريا وسنويا في محاكم النظام
العام بسبب الملابس، ثم يخرجن مطأطئات الرأس لأن المجتمع لا يصدق ولن يصدق أن هذه
البنت جلدت في مجرد ملابس، والنتيجة الحكم بالإعدام الاجتماعي لأسرة الفتاة وصدمة
السكري أو الضغط أو السكتة القلبية لوالدها وأمها، والحالة النفسية التي يمكن أن تصاب
بها الفتاة ووصمة العار التي ستلحقها طوال عمرها كل هذا في بنطلون، والقائمة تطول،
لأن المجتمع لا يصدق أنه من الممكن أن تجلد فتاة أو امرأة في (هدوم)".
بطاقات للحضور
هذا وقد قامت الصحفية السودانية بطباعة 500 بطاقة دعوة لحضور المحاكمة ليعرف الناس
ما هي الملابس الفاضحة التي ارتدتها هي وغيرها ممن حوكمن بنفس التهمة، وليعرف الناس
ما هي مواصفات "الزي الفاضح".. على حد تعبيرها.
وفسرت "لبنى" ذلك بقولها: اسم المادة في القانون: أفعال فاضحة، تخيلوا ماذا يمكن أن
يتبادر إلى الذهن حين تسمع أن فلانة بنت علان جلدت في النظام العام بسبب أفعال
فاضحة؟ هذا ما أردت أن أشهد الناس عليه، وليسمعوا من الاتهام وشهوده، أما أنا فلن أقول
يوم المحكمة سوى "نعم"، "هكذا صحيح" ولنرى ما هي الجريمة، جريمتي التي ارتكبت.
هذا وبدت الصحفية السودانية بروح معنوية كبيرة وسط مؤازرة شعبية، وبعد خروجها من
قاعة المحكمة إلى الشارع تدافع نحوها الصحفيون ومراسلو الفضائيات الذين كانوا ينتظرون
خارج مقر المحكمة، لكن الشرطة تعاملت معهم بعنف وصادرت بعض آلات التصوير، واقتادت
مراسل الجزيرة أسامة سيد أحمد بالقوة إلى داخل مباني المحكمة، ثم أطلق سراحه بعد
فترة قليلة.
كما تم اعتقال إعلاميين آخرين، وقال عضو البرلمان السوداني ونائب الأمين العام
للحركة الشعبية "ياسر سعيد عرمان" الذي حضر جلسات المحاكمة: "إن المادة 152 مخالفة
للدستور ونحن ضدها".. بحسب فضائية الجزيرة.
واعتبر أمين الأمانة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر المحامي أن
"أخطر ما في المادة 152 من قانون الجنايات لعام 1991 أن تقدير الأمر فيها متروك
بصورة خاصة لرجل الشرطة ولنيابة خاصة، ومحكمة خاصة دون بقية القوانين الجنائية الأخرى
في السودان".
ازدواجية المعايير
أكدت حنان محمد عبد الله، المستشارة القانونية في إدارة التشريع في وزارة العدل
بالسودان، في حوار لإذاعة هولندا العالمية أن من حق لبنى أن تتقدم ببلاغ ضد الشرطة أو
الأمن الذين اعتقلوها عند إثبات المحكمة لبراءتها من التهمة الموجهة إليها.
وأشارت حنان عبد الله أن القانون في السودان يعامل الأفراد الذين يتمتعون بحصانة
بشكل مختلف عن الأفراد العاديين، كما يحق لها -وفقا للمتحدثة- أن تطالب هؤلاء بتعويض
مادي تحدد قيمته المحكمة.
وأكدت المستشارة القانونية أن شرطة النظام العام التي تقوم بهذه العمليات "غير
محددة الصفة وليس لها إطار محدد، بل يتجولون في الشوارع ويلقون القبض على الفتيات
اللاتي يعتقدون أن ملابسهن فاضحة".
وربطت "حنان عبد الله" بين الأعراف السودانية والقانون وتقول: "في العرف العام يجب
ألا تتكلم الفتاة عما حدث لها لأن مجرد كونها طرفا في تلك المشكلة يعيبها".
كما أعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن بالغ قلقها إزاء قرار محاكمة
الصحفية السودانية المعارضة "لبنى أحمد الحسين" بتهمة ارتداء ملابس "تخدش الحياء
والذوق".
وأوضحت الشبكة في بيان لها أن الصحفية تكتب منذ سنوات عديدة عمودا شهيرا بالصحف
السودانية تحت اسم "كلام رجال" تنتقد فيه الأوضاع السودانية وتوجه انتقادات لاذعة
وشجاعة للحكومة السودانية.
وقالت عبير سليمان مديرة البرامج بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: "هذه
اتهامات رخيصة لا تلجأ إليها سوى حكومات مستبدة، كان على الحكومة السودانية أن تتحلى
بالشجاعة وتعلن ضيقها من كتابات هذه الصحفية الشجاعة، بدلا من اتهامات وانتقام وحشي
هدفه الأساسي كسر قلم هذه الصحفية".
وطالبت الشبكة المنظمات الدولية المهتمة بحرية الصحافة والمدافعة عن حقوق المرأة
بالاحتشاد خلف لبنى لوقف هذه المحاكمة غير العادلة التي تنتهك جميع المواثيق الدولية
التي تدافع عن حرية المرأة وحرية الصحافة، مؤكدة أن الحكومة السودانية تنتقم من
معارضيها بشتى السبل وتستخدم القوانين السيئة السمعة للانتقام منهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق